الأحد، ٢ رمضان ١٤٣٠ هـ

الصوماليون في السودان، ورمضان

(عافية الصومال) عندما تمشي بتؤدة في الأسواق المختلفة بالخرطوم يسترعي نظرك المستجدات في سوق الأطعمة والفواكه، زحمة شديدة تمنعك من مواصلة خطواتك بسرعة. الأسواق موزعة بالنسبة لأصناف الأطعمة، وأشكال العصائر والفواكه والخضروات، الصوماليون الذين يعيشون هنا يغدون في الصباح الباكر لجمع متطلبات الفطور والسحور.
تشهد المدن الجامعية (الداخليات) توزيعا للأعمال وجدولة الأدوار في رمضان بين الطلبة. يتشكل الطلبة الصوماليون إلى مجموعات، وكل مجموعة توزع المهام بينها، هذا يقوم بإعداد وجبة الإفطار، وآخر يساعده في تجهير العصائر والبارد، وثالث في المفروشات وبيئة الإفطار، وهكذا يفعل في السحور.
يقول عبد الناصر أشكر موسى "ناشط صومالي" بالخرطوم في حديث له مع "الصومال اليوم" بأن بعض الطلاب يواجهون صعوبة في إعداد وطبخ الطعام، حيث لم يتعودوا ذلك في بلدهم، إذ كانوا بانتظار رحمة الأمهات والأخوات. يضيف: "فمثلا قد يفشل واحد من المجموعة في دوره، ويعد وجبة غير متوازنة، وبالتالي غير مقبولة لمجابهة الصيام، وقد يصر بعضهم في تعلم الطبخ واحترافه، بينما يستسلم آخرون للواقع، ومن ثم يدفع مبالغ مرتفعة لتناول وجبة الإفطار أو السحور في المطاعم الفاخرة، وهذا قد يكون كارثة على جيب الطالب الوافد ".
وتحدث عبد الناصر عن الطالبات، ووصف بأن وضعهن مختلف تماما عن وضع الطلاب، حيث يعتبرن مسألة الطبخ وإعداد أنواع وأشكال من الأطعمة طرفا من حياتهن، فقد مارسنه سابقا، إذاً يستقبلن هذا الوضع بحفاوة ورحابة صدر". ويلاحظ أن الصوماليين تكيفوا مع الأطعمة الشعبية في السودان، فقد احترف كثيرون إعداد "العصيدة" والكسرة" وأنواع "المُلاحات" والتي من بينها مُلاح "الشرموط" وملاح "الروب" و"الباميا" و"الخضار".
السودان.. ورمضان
فبما أنه يوجد في الصومال تمييز بين الصغار والكبار في تناول الوجبات، ويأكل الناس في بيوت مغلقة غالبا، فإن السودان مختلف عن ذلك، يقول عبد الناصر أشكر، والذي زار الصومال في شهر رمضان الفائت: "الإخوة السودانيون لهم في هذا الجانب جود وكرم، فترى عيناك زمن الإفطار مجموعات من الرجال يفترشون أمام البيوت، ويأكلون في أطراف الطرق، حتى يدلي الفقير ".
أنشطة رمضانية
تتعدد الأنشطة التي يقيمونها الطلبة في رمضان، وتتصدرها القوافل الدعوية، والتدريبات التثقيفية، والدورات المختلفة قائمة من الأنشطة التي يشاركها الصوماليون بالسودان.
الاتحاد العام للطلبة الصوماليين، وجمعيات وروابط إسلامية يسهرون كثيرا في ليالي رمضان لتنفيذ مشاريع كثيرة، ومن بينها إفطار الصائم. يقول عبد الناصر: "يقيم الطلبة الصوماليون مناسبات إفطار، ويتجلى ذلك بشكل غير مباشر في الروابط ذات الانتماء الحركي. وبما أن إفطار الصائم خير وله أجر عند الله، فإن التنافس في هذا الباب أرى أنه من ضمن الخيرات، وأقول: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)".
وفي زيارة قامت بها "الصومال اليوم" في مطار الخرطوم الدولي مساء أمس الجمعة، لوحظ كثرة المسافرين، واكتظاظ الناس في صالة المغادرة، وازدحام أمام مبنى الصالة. ومن بين تلك الوجوه المسافرة أحمد محمود جامع، وسألناه عن الهدف من رحلته ففسرها برحلة تغيير الجو، وزيارة الأهالي والأقرباء، يقول عبد الناصر في حديثه مع "الصومال اليوم": " يوجد كثير من الطلبة يكسرون سلاسل الملل، ويحبذون التحرر المؤقت من هذا الوضع الروتيني، حيث يقومون برحلات ترفيهية، وزيارات لبلدانهم، كما أن كثرة المغادرين أيضا تعود إلى موسم العمرة، فالمعروف من خلال السنة مدى أجر العمرة في رمضان".
وهناك أنشطة يمارسها الطلبة الزائرون لبلدانهم من توعية لمجتمعهم، وحثهم على التعليم واقتضاء سبيل الرقي والتقدم.
وعموما، فإن رمضان قد حل، المساجد والمراكز الدعوية وأخرى تجعل إفطار الصائم من ضمن جدولها منذ بداية الشهر، ويستقبل الطلبة الصوماليون بكل الشوق والحنين لصديقهم الذي يعود لهم كل سنة، تشهد المدن الجامعية تغييرات في الترتيب العام، اللافتات والأعلام التي تحوي كتابات تهاني وتبريكات في قدوم شهر رمضان منصوبة هنا، وترفرف هناك.
يتزامن رمضان مع الإجازة من قبل الجامعات، ويأتي وقد فرغ الطلبة عن الامتحانات التي كانت حلوة ومرة في آن واحد، كما يصفون بها، ولم تظهر نتائجها بعد.
الضيف الذي يأتي ويعود، يستضاف بشوق في السودان، يشهد طرفا من ذلك فقط شوارع الخرطوم الممتدة بين حي إلى آخر، بين سوق وآخر، بين الدكاكين والمعارض، من المطاعم من المطار، ومن كل مكان.

الخميس، ٢٩ شعبان ١٤٣٠ هـ

من إنجازات الحركات الإسلامية في الصومال: مراكز ومعاهد نسائية

(عافية الصومال) لم يقف الوضع المتدهور في الصومال أمام قيام مراكز نسائية تعليمية ودعوية، وكان نمو هذه المراكز وتزايدها ملحوظا بعد اشتداد عود الصحوة الإسلامية في الصومال، فقد وضع حجر البداية لفكرة هذه المراكز الدعوية كبار رجالات الصحوة، جنبا إلى جنب مراكز أخرى مخصصة لتأهيل الدعاة.
ويوجد اليوم في الصومال عدد غير قليل من تلك المراكز ودور التعليم والدعوة والتي تخرج مئات من الداعيات، تمخضت في ظل إقبال الشعب لتطبيق تعاليم الإسلام.
ومن بين تلك المراكز والمدارس والمعاهد:
مراكز خديجة بنت خويلد لتعليم النساء، مراكز عائشة بنت أبي بكر، مركز أم الخيرات (في هرجيسا)، مركز الرضوان، وأخرى. وهذه المراكز تمتد في أكثر مدن الصومال، وأشهرها تلك التي في هرجيسا، وبورعو، وبوصاصو، وجالكعيو، وبلدوين، ومقديشو، وكسمايو.
وقد وضعت الجهات التي أسست هذه المراكز أهدافا وغايات ترمي إليها وتنطلق على أساسها، ومن بين أهدافها:
1. إعطاء الأولوية للتعليم، وتخريج متعلمات ومثقفات
2. تدريب داعيات يقمن للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة في الوسط النسائي
3. إعداد أمهات المستقبل للحياة الزوجية السعيدة، وتربية الأبناء الأجيال القادمة
4. التصدي للأفكار الخاطئة، والحذر عن الغزو الفكري الذي يستهدف المرأة المسلمة
5. التحري لمنهج الوسطية في الإسلام، والمرجعية في الدين
وهذه المراكز أسست بتبرعات من الشعب الصومالي، بعيدة عن تكفف الهيئات الأجنبية التي قد تضع ربما شروطا مقابل دعمها لهذه الأعمال.
كما تعتبر مدارس الإمام الشافعي والنووي وكثير من المدارس المنضوية تحت المظلة الأهلية الصومالية رافدا لا ينضبّ لتخريج نساء مثقفات، حيث تبذل تلك المدارس قصارى جهدها لتعليم الطالبات وتدريبها بدورات مخصصة وندوات ومحاضرات انطلاقا من تلك المدارس.
هذه المدارس هي من أوائل المدارس الخاصة التي تأسست وأثبتت أعمدتها في البلاد بعد سقوط الحكومة المركزية عام 1991م، ويتخرج من هذه المدارس نسبا كبيرة من الطالبات، وتتميز بأنها تبحث لخريجيها فرصا جامعية داخل الصومال كما ترسل بعثات إلى الدول العربية الشقيقة كالسودان واليمن وجمهورية مصر العربية.
والجدير بالذكر أن بعض المنظمات الإسلامية لها دور كبير في إنجاح سير هذه المراكز والمدارس والمعاهد، ومن بين تلك المنظمات: جمعية المنهل الخيرية، ومنظمة الدعوة الإسلامية، وجمعية التضامن الاجتماعي، وأخرى.
وبجانب الدعوة والتعليم الأساسي فإن هذه المراكز والمدارس توفر تعلم اللغة العربية والتربية الإسلامية كما تسهل تعلم الخياطة والطبخ والإسعافات الأولية وحرف أخرى. ورغم شح الدعم الذي تتلقاه هذه المراكز إلا أنها تضطلع بتفائل لمستقبلها، وتثابر في سبيل مواصلة عملها.
تحديات وتهديدات.. والسبب عدم "التنسيق مع العلماء والأعيان"
والطريق لتحقيق الهدف وعرة، فقد ذكرت إحدى القائمات بالمراكز "للصومال اليوم" والتي فضلت عدم ذكر اسمها، أن مراكزهن تعاني من تعامل النظام الحاكم في أقاليم كثيرة، واستشهدت بأن الشرطة داهمت مقرهن أكثر من مرة في مركزهن ببوصاصو بتهمة موالاتهن للمحاكم الإسلامية في جنوب الصومال، ومن ثم تحريضهن لجمع أموال لدعم المحاكم. وقالت: "تلقينا تهديدات من الشرطة في أكثر من مرة، وأوقفونا من المحاضرة في إحدى أيام الجمعة التي نعتاد قيام محاضرات للنساء"، وينسب بعض المراقبين هذه الظاهرة بعدم تناسق بعض المراكز مع العلماء وأعيان المنطقة. ويلاحظ وفي خضم الخلاف الذي أنشب أظفاره بين المنتمين إلى الصحوة- اتساع الفجوة بين العلماء وبعض النساء القائمات ببعض المراكز، وسعى بعض العلماء لتقريب المواقف وتضييق الفجوة، حيث أقاموا ندوات ودورات للنساء تبحث بدقة عن نقاط الاختلاف.
صراع خفي
ومن جانب آخر، فإن هذه المراكز تتلقى صراعات خفية من منظمات نسائية صومالية تتلقى الدعم عن هيئات أجنبية، وتشجع خروج المرأة، وتقلل عن أهمية القرار في البيت ومسألة المحرم. وتعقد منظمات نسائية مؤتمرات احتجاجا على مشروع النظام الإسلامي الذي طبق في مناطق كثيرة في جنوب الصومال والذي يفرض على المرأة لبس الحجاب الشرعي ومرافقة المحرم في الأسفار، ويبدي بعض المحللين إحساسهم عن أصابع أجنبية تشجع الاحتجاج على المشروع الإسلامي، الأمر الذي يبدوا تحديا هشا ضد رغبة الشعب الصومالي الجامح لمسألة تطبيق الشريعة.
وقد قامت الإدارات الإسلامية في مناطق في الجنوب على فرض النظام الإسلامي الذي يجبر على المرأة لبس الحجاب وضرورة مرافقة المحرم في الأسفار.
وعموما، فإن التطورات في مجال تعليم المرأة الصومالية وتثقيفها أصبح من ضمن أهداف الحركات الإسلامية في الصومال، وقد أنجزت الكثير في هذا الاتجاه، إلا أنه مؤخرا وفي ظل الخلافات التي شقت صفوف الحركات الإسلامية يلاحظ إهمال الجناح النسائي.
المصدر: الصومال اليوم

الاثنين، ٢٦ شعبان ١٤٣٠ هـ

من أخبار عمر بن عبد العزيز، أين الزعماء من هذه المواقف؟

لمّا أفضت الخلافة إلى عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بعد سليمان بن عبدالملك ، فأول ما اشتغل بدفن سليمان ، فلما رجع من دفنه وصفَّتْ له مراكب الخلافة قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، قرِّبوا لي بغلتي ، فركب دابته التي كان يركبها أولاً ، وسار مستصحباً لتلك العزيمة ، فعلم الله صدقه فيها فأعانه .
* فأول ما بدأ به أنه سار بين يديه أهل الموكب ، فنحاهم وقال : إنما أنا رجل من المسلمين ، ثم نزل فقعد ، فقام الناس بين يديه فأقعدهم ، وقال : إنما يقوم الناس لرب العالمين.
* ثم عزم على ردّ المظالم ، فأدركته القائلة ، وكان قد تعب وسهر تلك الليلة لموت سليمان ، فدخل ليقيل ثم يخرج فيرد المظالم وقت صلاة الظهر . فجاء ابنه عبدالملك فقال له : أتنام وما رددت المظالم ؟
فقال : إذا صليت الظهر رددتها .
فقال عبدالملك : ومن لك أن تعيش إلى الظهر ؟ وإن عشت فمن لك أن تبقى لك نيتك؟
فقال وخرج ونادى : الصلاة جامعة . فاجتمع الناس فردّ المظالم .
* وكان يقول : إن لي نفساً تواقة ، ما نالت شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه ! فلما نالت الخلاف ، وليس فوقها – في الدنيا – منزلة ، تاقت إلى الآخرة .
وإذا كانت النفوس كباراً ** تعبت في مرادها الأجسامُ
من يهن يسهل الهوان عليه** ما لجرحٍ بميت إيلامُ
* ذاكروه مرة شيئاً مما كان فيه قبل الخلافة من النعيم فبكى حتى بكى الدم !
وكان أكثر ما يقتات به حال خلافته العدس والزيت ، فإذا عوتب في ذلك يقول : هذا أهون علينا من معالجة الأغلال غداً في النار !!
* ودخل مرة على بناته وكن قد تعشيْن بعدسٍ فيهِ بصل ، فكرهن أن يشم منهن رائحة ذلك فلما رأينه هربن ، فبكى وقال : يا بناتي أيسرُّكن أن تتعشين الألوان ، ويُذهب بأبيكن إلى النار ؟!
* وكان يقول لأولاده : إن أباكم خُيِّر بين أن تفتقروا ويدخل الجنة ، وبين أن تستغنوا ويدخل النار ، فكان أن تفتقروا ويدخل الجنة أحب إليه .
* وكان يقول لبعض أعوانه : إذا رأيتني مِلْتُ عن الحق ، فضع يدك في تلبابي ، ثم هزني وقل : ماذا تصنع يا عمر ؟!
* لازال ينحل جسمه حتى كانت أضلاعه يعدّها من رآه عدّاً .
* مازالت به المحبة حتى رقته إلى درجة الرضا بمرّ القضاء ، فكان يقول : أصبحت وما لي سرور في غير مواضع القضاء والقدر .
* مات أعوانه على الخير كلهم في أيام متوالية ؛ ابنه عبدالملك ، وأخوه سهل ، ومولاه مزاحم ، فكان يقول بعد موتهم في مناجاته : أنت تعلم أني ما ازددت لك إلا حبّاً ، ولا فيما عندك إلا رغبة.
---------------------------
انظر : رسالتان للحافظ ابن رجب : شرح حديث (( إذا كنز الناس الذهب والفضة )) ص ( 26 – 32 )